
{وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ثم يتحركون لتثبيط الأخرين، عنده عقدة لا يريد أن يجاهد، في نفس الوقت ويثبط الأخرين حتى لا يجاهدوا. {وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ} يسعون إلى تخذيل الأخرين فيقدمون عامل من العوامل التي تزيد صعوبة الجهاد، أو من مشقة التحرك في سبيل الله، مثلما هي حالة الحر {وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ} وكأنهم يفترضون أن يكون الجهاد في سبيل الله عملاً لا مشقة فيه أصلاً، فلا تجاهد إلا بشروط: أن لا يكون هناك حر، ولا شدة برد، ولا تعب، ولا معاناة، ولا أي شيء من المشاق والصعوبات، يعني: حالة تفترض للناس الهزيلين الكسلين الذين ليس لهم همة، وليس لديهم عزيمة، وليس عندهم اندفاع، وليست عندهم همة عالية. يتحركون في أي الظروف، رجولة حقيقة يتحرك لا تعيقه بعض العوائق التي هي موجودة في واقع الحياة، وهي مع وجودها في واقع الحياة لا تعيق الناس عن أي أعمال أخرى.
الناس في فترة الحر وفي زمن الحر يتحركون في واقع حياتهم في طلب معائشهم، في الاهتمام باحتياجاتهم، وما يدفعهم للذهاب والمجيء والعمل حتى لو كان فيه مشقة، وهو واقع الحال في زمن البرد، عندما يكون هناك شدة برد هل الناس يقبعون في بيوتهم فلا يخرجون منها أبداً لأنه موسم حر؟ أو الناس يختبئون في بيوتهم فلا يخرجون منها أبداً حتى ينتهي موسم الشتاء؟ لا.
الناس سواء في زمن الحر أو في زمن البرد يزاولون حياتهم، ويذهبون في شئونهم بشكل عادي، حتى لو كان حر، أذهب إلى تهامة، وأهل تهامة في موسم الصيف يشتغلون والناس يذهبون ويجيئون ويتجرون ويكدحون ويزارعون، إلى غير ذلك. واذهب إلى أي منطقة في شدة البرد والناس يشتغلون ويزرعون ويذهبون ويكدون ويعملون ولا يتوقفون في واقع البرد، لكن البحث عن التعللات هو شأن من لا إيمان فيهم، يريد أن يبحث عن تعللات حتى لا يجاهد، وحتى يثبط الأخرين عن الجهاد في سبيل الله، {لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ} تثبيط وتخذيل، والمسألة خطيرة جداً، ولذلك كان الجواب جواب كبير بمستوى الجرم، بمستوى الجرم.
اقراء المزيد